سندس
بضيق عندما لمح اسم المتصل و ضغط زر الفتح مغمغما..
رايد أيه يا قناوي على الصبح!!! ..
ضحك الأخر بسماجة و هو يجيبه قائلا بفرحة ملئت صوته..
كل خير يا كبير.. أني بستأذنك اچي بكرة أخد بتي و أعاود على الصعيد..
ارتجف هذا الخفاق بين ضلوعه فور سماعه جملته و قد توقع السبب وراء فرحته هذه لكنه تحدث بهدوء رغم الضجيج الذي بداخله..
أيوه.. سلسبيل متقدم ليها أبو شاهين بيه و أني وافجت و هاچي أخدها لأجل ما تچهز لكتب كتابها..
هكذا أجابه بمنتهي البساطة غير عابئ لذلك الغاضب الذي أوشك على الانفجار فيه و سبه بأفظع الألفاظ..
كور قبضة يده بقوة و كم تمني لو يكون أمامه الآن لكان لقنه درسا قاسېا لن ينساه بحياته و لكن عوضا عن ذلك رسم ابتسامة زائفة على محياه الغاضبة مدمدما..
بتك و أنت اللي وافقت عليه!!!! .. وماله يا قناوي.. أني مستنيك بكرة إن شاء المولى..
قالها و أغلق الهاتف بوجهه دون انتظار رد منه اصطك على أسنانه بغيظ محدثا نفسه بصوت خفيض..
شكل موتك هيكون على يدي يا قناوي يا وش الخړاب أنت..
أني سمعت صح.. أبو شاهين تاچر السلاح اللي في بلدنا طلب يد سلسبيل يا عبد الچبار!!!!
و هي ترمش بأهدابها و تعتدل جالسة بجواره..
أيوه يا خضرا.. سمعتي صح.. قالها ببرود يحسد عليه و غادر الفراش متجه نحو الخزانة جلب منها ثياب له و تابع بهدوء أدهش زوجته..
أكده مبقاش ليها قعاد اهنه..
شهقت خضرا بخفوت و ضړبت على صدرها بكف يدها متمتمة.. هتكرشها من بيتك بعد ما قولت أنها بقت في حمايتك ! ..
هرولت خضرا تجاهه حتي اقتربت منه ووقفت أمامه مباشرة و مالت على صدره قبلته بحب متمتمة بنبرة راجية..
حقك عليا يا خوي.. مقصدش أظن فيك ظن عفش والله.. أني قصدي استفهم منك..
هفهمك قصدي يا أم فاطمة..مش قولتلك أني وصلت لعنوان أهل أمها ..
صح يا خوي قولتلي.. بس أني مچبتش سيرة لسلسبيل واصل لتظن أني بقولها أكده لأجل ما تمشي من عندنا.. قولت اسيبها لما تسألني لحالها مرة تانية..
أردفت بها بطيبة تشع من عينيها تطلع عبد الجبار لها مدهوشا امرأة غيرها كانت لم تسمح لمكوث غريمتها ليلة واحدة بمنزلها لكن حبها له و الذي يفوق حبه لأضعاف جعلها تفضله هو على نفسها..
البنتة وچعة جلبي عليها قوي.. لساتها عود أخضر على الغلب ده كله..
صمتت لبرهة و أكملت بنبرة مرتجفة..
أني خابرة زين أن
ربنا مريدش لي الخلفة مرة تانية.. و بقولك بنفس راضية اعقد على سلسبيل يا عبد الچبار و ربنا يرزقك منها بالولد اللي بيتمناه جلبك يا خوي..
قولتها كلمة و مش هعيدها يا خضرا.. أني مش هتچوز عليكي.. أنتي متستهليش مني أكده أبدا يا غالية ..
خضرا بابتسامة دافئة رغم عينيها التي ترقرقت بها العبرات.. يچبر خاطرك ربنا و لا يحرمنيش منك يا سيد الرچاله كلياتهم..
هتسبح أني على ما تچهزي الفطور.. قالها و هو يدلف لداخل حمام الغرفة و تابع قبل أن يغلق الباب..
خبريها أن أبوها چاي بكرة من البلد.. لو سألتك عن سبب مچيته قوليلها مخبراش.. أني هخبرها و لو لقيتها رافضة الروحة معاه وقتها هعطيها حقها في ورث أخوي و هوصلها لأهل أمها تفضل عنديهم ..
خضرا بأسف.. ولو أنها هتقطع بيا.. بس أكده أفضل ليها من أبوها القاسې اللي رايد يچوزها لتاجر سلاح أكبر من چدها..
أغلق عبد الجبار الباب و بدأ يدور حول نفسه كالأسد الحبيس يشعر بنيران تلتهم قلبه و روحه كلما تخيل أنها
من الممكن أن تكون زوجه لرجل غيرههذا هو العشق تخشى عليه عندما تشعر أنه سيذهب بعدما عثرت عليه أخيرا .. تتمني أن يظل نوره مشرق وأنت برضا تغرب ...
فما العشق إلا سرا متى اعترفنا به يعذب...
خلع ملابسه پعنف كاد أن يمزقها و همس بأسمها بصوته الحارق ذات الحنين المتأوه..
سلسبيل!!..
...................صل على الحبيب .........
بخيتة تلك القاسېة عديمة الرحمة و الإنسانية تجلس على مقعد بمنتصف المنزل مستندة بكلتا يديها على عصاها الخشبية تتابع سلسبيل التي تلتقط أنفاسها المتهدجة بصعوبة بالغة أثر المجهود الشاق التي تقوم به
تناثرت حبيبات العرق على وجهها الشاحب و قد أغرقت المياه ثيابها بأكملها بدأ التعب يتمكن من جسدها الهزيل حتي أصبحت تترنجح بوضوح رغم أنها لم تكن واقفة بل جاثية أرضا فوق السجاد المبتل..
يا مري عليكي يا خيتي.. قالتها خضرا التي رأتها وهي تهبط الدرج فشهقت بقوة و أسرعت بخطواتها نحو سلسبيل مالت عليها تجذبها برفق مكملة..
ليه يابتي تتعبي حالك أكده...
قطعتها بخيتة بخفوت قاس..
همليها.. ملكيش صالح بيها يا خضرا..
رمقة سلسبيل نظرة محذرة و تابعت بأمر..
خفي يدك شوي و كفياك مرقعة.. لساتك هتچهزي الوكل..
قالتها بخيتة بحدة و هي تضربها بالعصا پعنف على أخر ظهرها ضړبة قوية تحملتها سلسبيل كعادتها و لم تبدأي رد فعل بل ظلت جاثية تتابع ما تفعله بصمت و هدوء مريب..
أيه اللي بيحصل ده!!!..
كان هذا صوت عبد الجبار الذي صدم من هول المنظر و قطع المسافة بينه و بينهم في عدة خطوات حتي توقف بهيبته و طوله الفارهه أمام تلك الجاثية التي رفعت رأسها و نظرت له بلهفة فشلت في اخفاءها تستجديه كعادتها أن يجبر تلك الكسور التي هشمت ضلوعها..
أرمي المحروق اللي في يدك ده و جومي يا سلسبيل..
قالها بنبرة صارمة لا تحمل الجدالو من ثم نظر لبخيتة و تابع بصوت أجش..
من متي و إحنا بنبهدل بنات الناس عندنا أكده يا أمه!!!..
ضحكت بخيتة ضحكة ساخرة و تحدثت بجحود قائلة..
بنات ناس!!!!..
رفعت عكازها و همت ضربها به للمرة التي لا تعلم عددها لكن يد عبد الجبار كانت أسرع و بعده عن سلسبيل التي تستمع لحديثها بملامح جامدة..
و هي دي بت ناس.. اللي أبوها چابها لحدنا متربطة يد في رچل زي الكلب الچرب تبقي بت ناس!!!!..
كلماتها كانت مؤلمة اكثر من ضربات العصا نحرت قلبها كالخڼجر المسمۏم على حين غرة فلم تعد تتحمل أكثر من هذا صړخت پألم حاد و هي تلقي الفرشاة من يدها پغضب و تطلعت لها و قد فاض بها الكيل فتوهجت الجمرتين بعينيها و دون وعي منها اڼفجرت بنوبة صړاخ مقهور مرددة..
بتعملي فيا كده ليييه.. عملت فيكي اييييه.. أنتي اييييييييييييه مبتخفيش ربنا..حرام عليكي... حرررررررررام عليكي.. يارب أموت و أرتاح منك.. ربنا ياخدني و يريحني
منك..
صرخاتها كانت مفزعه تقطع نياط القلوب فأسرعت خضرا بضمھا لصدرها لكنها لم تستطيع السيطرة على حركاتها الهستيرية
خاصة حين بدأت رتجف بشكل ظاهر تحول إلى انتفاضات أشبه بالذعر سريعا ما أرتمت أرضا و أصبحت تتشنج و تنهش جسدها بأظافرها تاركة عليه جروحات ليست بهينة..
هنا هرول عليهاعبد الجبار
الفصل الثامن..
الإعتراف بكسر قلب في هذا الزمان قوة لا يستهان بها.. بالعادة نجد المبررات الكافية لنتبرأ من تلك الحواف الحادة للذنب خاصة إذا صادفنا من بستطاعته جبر هذا القلب و إنقاذه من الڠرق بشتات العالم..
تجمدت سلسبيل بين يديه الضخمة التي تحتويها بحماية و أمان لم تشعر به طيلة حياتها رغم أنه كان ضغطا على جسدها الصغير بقوة زادت من ألم عظامها التي لم تشفي بعد من أثار الضړب المپرح الذي تعرضت له على يد والدها
بدت هادئة بالنسبة لهم عندما رؤها ساكنة بين ذراعية بلا حراك هكذا لكنه و للعجب لم يبتعد عنها لم يفك قيده من حولها ظل على وضعه هذا محتضنها داخل صدره بشدة غير عابئ لنظرات الدهشة على ملامح زوجته التي تتابعه بأعين تحجرت بها العبرات بعدما رأت لهفته عليها لمعة عينيه و هو يتطلع لتلك المكومة داخل صدره العريض
هنا أيقنت أنه يريد سلسبيل قلبا و قالبا لكنه يلجم نفسه عنها لخاطرها هي الأمر لم يظل هادئ هكذا إلا دقائق معدودة و فجأة جحظت أعين خضرا على أخرهم و هي تري مدي تطور حالة سلسبيل حتي أصبحت يرثي لها بعدما قطعت بخيتة الصمت مردفة بقسۏة..
بعد عنها يا عبد الچبار بت المحروق دي لتوسخ خلاجتك بخلجتها المطينة.. خليها تخلص تنضيف الدار و بعد أكده تغور في داهيه بلا راجعة..
تفاقم شعوره بالحنق مع استمرار حديثها المثير للأعصاب تشنجت جميع عضلات جسدة و هو يصيح بصوت عال للغاية..
كفااااايك يا أمه!!!!..
ليكي حق تعملي فيا أكتر من كده.. ما أنا مليش ضهر و لا سند يجبلي حقي منك..
همست بها سلسبيل و هي تجاهد لألتقاط أنفاسها المتلاحقة كسر قلبها كان ألمه لا يحتمل هذه المرة جعل نبضاتها
صړخت بها خضرا و هي تري شحوب سلسبيل الذي يزيد و
يتدافعرغم أنها لم تفقد وعيها إلا أن وضعها ساء لدرجة صدمتهم جميعا معادا تلك القاسېة و قد ظنو أنها تحتضر..
لو
تهملني عليها يا ولدي.. أنزل علي نفوخها بعكازي أفوقها بيه وقتها هتقوم زي القرد تتنطط تنطيط..
قالتها بخيتة وهي ترفع عصاها و همت بإنزاله على رأس سلسبيل إلا أن يد عبد الجبار قبضت عليه و جذبه منها لكمه پعنف في الأرض الصلبة حتي هشمه و من ثم حمل لمخلوق يهين حد بداره !! ..
أوقفته خضرا عن إكمال حديثه قائلة بشجاعة..
و خصوصا اللي هتبجي مراته!!!!..
ساد الصمت ثانية تطلع لها عبد الجبار پصدمة لتهرول هي تجاهه و تمد يدها أمسكت يد سلسبيل التي لم تبدي أي رد فعل تنظر للفراغ بأعين شبه مغلقة و كأن روحها غادرت جسدها..
ربتت عليها بحنو و رسمت ابتسامة دافئة تخفي بها دموع عينيها مكملة..
أني دلوقتي اللي بترچاك تتچوز سلسبيل يا عبدالچبار..
في وقت الضعف نقدم تنازلات تحت تأثير العاطفة نتخذ قرارات مصيرية بلحظة اندافع لا نعلم ما يمكن أن يترتب على