جوازة ابريل
تساءل أحدهم بابتسامة عريضة صحيح الكلام دا يا استاذ باسم
لم يرد عليه باسم بل أنه ظل متجهما دون رد فعل مندهشا من تلك الشقراء التي لم يتجاوز رأسها كتفه فيما إزدردت الأخرى ريقها وكادت حصونها الزائفة أن تتبخر في الهواء من نظراته المتجمدة عليها والتي اندلعت منها الصدمة والاستنكار لتتأكد بما لا يدع مجالا للشك أنها ارتكبت خطأ فادحا.
رواية_جوازة_ابريل
نورهان_محسن
الفصل الرابع نقطة رجوع رواية جوازة ابريل ج
أسوأ المتاهات التي من الممكن أن يمر بها المرء هي متاهة العقل أن يكون ساكن جدا من الخارج وبداخل عقله يركض في تلك المتاهة متأملا الوصول إلى آخرها.
Flash Back
قبل الأحداث الأخيرة بأربعة أيام وهم بمثابة محور الأحداث.
هيا .. استعداد!!!
داخل إحدى السيارات صاح شخص يجلس بجانب مقعد السائق يرتدي خوذة بقولك ايه .. ما بلاش منه السباق دا
أنهى جملته بنبرة قلقة رد عليه الآخر بسخرية وهو جالس بجانبه وهو يرتدي خوذة مماثلة مالك يا اشرف !! اومال راح فين القلب الحديد
أضاف بصوت أعلى إرتفاعا وهو يضغط بكفيه على عجلة القيادة جمد قلبك كدا هي اول مرة
بعد فترة وجيزة
حاسب يا باسم
صرخته المذعورة مزقت جوانب السيارة بعد أن اصطدمت إحدى السيارات بهم ليحاول باسم السيطرة على السيارة لكنها استدارت بقوة مما تسبب في انقلابها عدة مرات وتحطمها بقوة على الأرض.
بقلم نورهان محسن
فى مدينة القاهرة
تشرق الشمس في الصباح الباكر معلنة بداية يوم حافل بالعديد من الأحداث.
داخل منزل كبير في أحد المجمعات السكنية الضخمة محاط بأسوار عالية وحراسة خاصة من أجل الحصول على الأمان الكافي والعزلة الكاملة عن الازدحام والتلوث في مجتمع خاص يضم ثقافات معينة تحترم خصوصية الفرد وتوفر له القدر الذى يحتاجه من الرقى الحضاري.
تحديدا فى غرفة فسيحة تدل علي رفاهية سكان المنزل ذات طلاء جدران باللون الأخضر الفاتح الذي يبث شعورا بالراحة والإنتعاش ويدمج معه بتناسق ألوان الأزرق والرمادي الخافتين للسجاد والسرير وغرفة الملابس الصغيرة والستائر ليعطي منظرا أنيقا وتبث الصفاء في نفوس من ينام فيها.
ردت تحية عليها بنفس الإبتسامة صباح الهنا علي قلبك يا ضنايا
ضحكت ابريل تهز رأسها سلبا ثم قالت موضحة لها يا توحا قولتلك كتير دي رياضة صحية جدا اسمها يوجا
بقلم نورهان محسن
فى إحدى البنايات شاهقة الإرتفاع.
عند باسم
دوى صوت الهاتف الخلوي ليهب جسده بإنتفاضة على السرير الكبير وهو يوزع نظراته الزائغة في تلك الغرفة الفسيحة التي أضاءت بمصباحين كهربائيين بضوء خاڤت على جانبي السرير والشمس الساطعة في الخارج لا تجد طريقة للدخول من خلال الستائر المغلقة ليتنهد بارتياح عندما أدرك أن ما رآه لم يكن سوى مجرد حلم بل كابوس معتاد أن يراه منذ فترة طويلة.
التقط باسم هاتفه من الطاولة الجانبية للسرير وأجاب دون النظر إلى رقم المتصل من بين أنفاسه اللاهثة ايوه!!
رد الطرف الأخر قائلا بسخرية زي ما توقعت لسه الباشا نايم!
اتكئ باسم برأسه على الوسادة مغمضا العينين ثم رد متذمرا وهو حد بيصحي بدري كدا يا صلاح!
قال صالح متهكما بنبرة ساخطة بتقول صلاح حاف كدا لأبوك يا عد يم التربية .. ثم البني ادمين الطبيعيين بيصحوا بدري مش زيك فاشل بيصحي بعد الضهر
رافق ضحكته سعال خفيف ثم سأله بنبرة أجش متجاهلا كل ما قاله له انت ازي صحتك يا بابا!
تشدق صدغ صلاح بجانبية قائلا بصوت شبه ساخر زي الحديد يا روح ابوك وفي الشركة من بدري كالعادة
أفرج باسم عن جفونه ناظرا إلى ساعة الهاتف ليجد أنها لم تكن سوى التاسعة صباحا فقال بصوت هادئ كنت هكلمك علي فكرة انهاردة عشان عايزك في موضوع
صاح صلاح بنبرة تعجب وهو يضحك مستهزئا بكلماته والله !! ضروري يكون موضوع مهم اللي يخليك تلاقي وقت تكلمني وسط انشغالاتك اللي مابتخلصش
هز باسم كتفاه للأعلى وهو يلوى
شفتاه مغمغما بتتريق يا حج ..
تنهد صلاح بقلة حيلة ثم هتف بحزم نهايته .. ماتتأخرش علي اجتماع انهاردة ومفيش اعذار .. وبالمرة نشوف كمان موضوعك المهم دا
رد باسم منهيا الحديث تمام جاي
أغلق الهاتف وألقاه بجانبه على السرير ثم استلقى على بطنه وعاد إلى النوم مرة أخرى.
بقلم نورهان محسن
فى نفس الوقت
داخل غرفة إبريل
نهضت ابريل من مكانها بمجرد أن أنهت جملتها متبينا طولها الضئيل إلى حد ما لكنها تتمتع بقد متناسقا يجمع بين النحافة والأنوثة معا موليها ظهرها لتذهب إلى غرفة ملابسها الصغيرة معقبة بسؤال المهم طمنيني عليكي لسه رجلك بټوجعك
أجابتها تحية موضحة لها حتى تطمئن دهنت المرهم قبل ما انام و اهو الحمدلله علي كل حال خلاص بقي العضمة كبرت
أنهت تحية جملتها بضحكة ساخرة على نفسها وابريل جاءت من الداخل قائلة بتذمر خفيف تحية ماتقوليش كدا .. ما انتي لسه شباب اهو
عدلت تحية مفرش الطاولة أمامها وقهقهت بخفة ثم تساءلت بدهشة بطلي البكش يا بت .. انتي بتلبسي كدا و رايحة علي فين .. ايه وراكي جامعة
ردت أبريل بتصحيح ممزوج بالمرح بينما كانت مشغولة في تزرير قميصها الأبيض ذي الأكمام الطويلة بخطوط زرقاء فاتحة بعد أن دسته في بنطالها الأسود انتي لسه فاكرة يا توحة .. ما انا خلاص اتخرجت وقريب هتوظف كمان في شركة مقاولات كبيرة .. ادعيلي انتي بس
خرجت الكلمات من جوفها بحنان ربنا يوفقك يا بنتي .. المهم خطيبك موافق علي شغلك دا ولا هيضايق!
أجابت ابريل على سؤالها بالنفي وهي تحمل هاتفها لتتوجه به إلى منضدة الزينة لتضعه فوقه قبل الجلوس على الكرسي لا طبعا هو موافق .. اصلا انا متفقة معاه اني عايزة اشتغل حتي بعد الجواز وهو ماعندوش مانع ..
رددت تحية بهدوء ربنا يهدي سركو يا حبيبتي ..
استأنفت تحية حديثها مقوسة فمها بعبوس شوفوا بكش البت ماقولتيش برده رايحة علي فين يا غندورة
ضحكت ابريل بخفة وهي تتخلى عن المشط الذي كانت تمشط به شعرها الأشقر الطويل المتدلى إلى منتصف ظهرها ثم التفتت إلى الشاشة بعيناها الشبيهة بعيني جدتها وردت عليها بإيضاح انا يا ستي رايحة للبنات في المطعم .. عشان اخد باقي حاجتي واعمل المخالصة واخد باقي مستحقاتي عشان خلاص الفرح فاضل عليه اسبوعين بس
بادلتها تحية الإبتسامة بسعادة ثم قالت تدعو لها بحنو الله يفرح قلبك يا حبيبتي ..
سرعان ما زمت شفتيها مردفة بإستياء معرفش مطعم ايه دا اللي كنتي متمسكة بالشغل فيه وانتي من اقل حاجة بتتعبي .. والله ابن حلال مصطفي دا انه اقنعك تسيبيه
أنهت تحية كلامها وهي تحرك رأسها برضا دون أن تلحظ تعابير ابريل التي استاءت مم قالت ثم هتفت بعناد ما بداخلها يا ستي انا مكنتش تعبانة فيه ولا حاجة .. كنت بشتغل في اجازة الصيف وباقي السنة في التدريب تبع الكلية .. ثم بقي هو ما اقنعنيش بحاجة شئ طبيعي اني بعد ما اتخرج اتوظف بشهادتي اللي طلعت روحي عشان اخدها
قالت ابريل جملتها الأخيرة بفخر وهي تعقد كلتا يديها إلى صدرها لتهز تحية رأسها بابتسامة ملتوية من عناد حفيدتها الذي لن يتغير أبدا ثم قالت بتوبيخ لطيف يادي راسك النشفة ما براحة شوية علي الراجل .. وايه مش ناوية تيجي بقي نفسي اشوفك لحم ودم بدل ما بشوفك جوا شاشة كدا
نطقت تحية كلماتها بنظرات مليئة بالشوق الكبير وامتلأت عيناها بالدموع فخرجت تنهد من أعماق الأخرى معبرة عن مدى اشتياقها لها أيضا بينما اقتربت بوجهها أكثر من الشاشة وهى تتمنى أن تكون بإستطاعتها الآن معانقتها لكنها قالت بلطافة يعني انا اللي مش نفسي يا ستي .. خلاص بقي ماتعيطيش عشان خاطري .. معلش اهي تصبيرة لحد ماتيجي تقعدي معايا شوية قبل الفرح .. ووقتها مش هخرج من هو
اختتمت ابريل حديثها بنبرة عابثة لتمسح تحية دموعها في طرف حجابها ضاحكة بخفة على كلمات حفيدتها التي بدلت الجزع داخل قلبها إلى مزحة غيرت مزاجها للأفضل قبل أن تنتقدها بسخط مصطنع اتلمي يا قلي لة الحياء .. يعني انتي بجد مبسوطة معاه يا ابريل
صمتت ابريل لعدة ثوان ثم ردت عليها بنبرة مطمئنة الحمدلله يا ستي .. مصطفي انسان هايل في كل حاجة .. طيب ومتفاهم وناجح في شغله ومحترم هعوز ايه تاني يعني
نظرت ابريل إليها لبضع لحظات ثم رفعت يدها مشيرة إليها بإصبعها بحركات دائرية وأضافت بابتسامة مليئة بالتحذير الدور عليا انا بقي .. اوعي تضحكي عليا وماتاخديش الدوا في مواعيده يا توحا .. انا متابعة مع صابرين وبتقولي علي كل حاجة
تعالت ضحكات تحية على تلك التي لا تتوقف عن قول التعليمات بطريقة هزلية ثم تمتمت مستسلمة ماشي يا سنفور المحطة بتتفقي عليا انتي وخالتك الفتانة ..
أضافت تحية بعد أن تبدلت تعابيرها إلى الجدية دا انا اللي المفروض اسألك اخبار
صحتك ايه بتاخدي ادويتك ولا لا يا ابريل انا ببقي قاعدة هنا وقلبي قلقني عليكي
هزت ابريل رأسها علي الفور مؤكدة لها اطمني عليا انتي عارفاني قد ايه منظمة في كل حاجة ومهتمة بصحتي علي الاخر
ردت تحية بإريحية جدعة انا بستريح لما بتسمعي الكلام .. وياريتك سمعتي كلامي وماكنتيش ضړبتي شعرك في الخلاط كدا بقيتي شبه الفرنجا خالص
ضيقت ابريل فيروزيتها بدهشة ثم صاحت ضاحكة فر نجا!! يا توحا الفر نجا خرجوا من مصر من قبل ماتتجوزي انتي وجدي يا حبيبتي ..
أدارت ابريل رأسها تتطلع فى المرآة على هيأتها وهى تحرك خصلات شعرها بأطراف أصابعها وأضافت بعبوس لطيف وبعدين مالو شعري .. بذمتك يا توحا مش حلو الاصفر ولايق عليا اكتر من البني
قالتها ابريل بإستفهام لتجيبها تحية بإبتسامة حنونة حلوة وزي البدر .. بس اللون الرباني اللي مولودة بيه كان مالو ..
التفتت ابريل برأسها نحو الشاشة وهى تبعث لها فى الهواء مغمغمة بصدق ربنا يديمك ليا يا توحا ومايحرمنيش منك ابدا .. انتي نعمة ربنا عليا انتي الحنان و الدنيا كلها عندي يا توحتي
_ ويخليكي ليا يارب ..
سألتها مستفسرة ها امك ماكلمتكيش !
تغيرت تعابير وجهها بعد سؤال جدتها لكنها سرعان ما ردت بنبرة عادية لا يا ستي
علمت تحية