الطبقة الآرستقراطية صرخات آنثى بقلم ملكة الابداع آية محمد رفعت
المشاهير وغيرهم ومع ذلك يقف عاجزا أمام حالة فطيمة التي تجعله حائرا عما يصيب قلبه تجاهها يرغب دائما بالبقاء جوارها لساعات طويلة مع إنها لا تشعر بوجوده أبدا
نهض علي عن مقعده ودنى من شرفة مكتبه ليحرر ستائره البيضاء وهو يلتقط نفسا مطولا ويده تمشط خصلات شعره البني المتناثر على جبينه ملامسة عينيه الرمادية ويده مربعة أمام صدره مخاطبا ذاته
معقولة يكون كلام الدكتور أبراهام صح وحالتها ميؤوس منها وملهاش علاج!
لا مش معقول الكلام ده أكيد حالتها ليها علاج إنت عمرك ما استسلمت يا علي عشان تعملها دلوقتي ابذل كل مجهودك معاها وأكيد هتلاقي تحسن
وأغلق عينيه وهو يحاول تذكر أي تحسن بسيط قد حاز به بعد رحلة علاجه الشاقة فتجعد جبينه حينما طاف إليه ملاحظته الطفيفة فركض لمكتبه يجذب النوت الخاص بحالة فطيمة ودون
الآمان
بالبداية كانت تنزعج كليا من وجودي لجوارها بمكان واحد جسدها يتشنج وترفض سماع أي كلمة تنبثق على لساني ولكن الآن تتقبل وجودي لجوارها تستمع لمحاولاتي البائسة بحثها على الحديث باسترخاء حتى وإن لم تتحدث لي ولكن بالنهاية لم تنفر من وجودي مثلما تفعل مع أي طبيب يحمل لقب ذكر بهويته!
فريدة هانم موبيلي المتواضع بيرقص في حالة من عدم الاستيعاب
وصلت ضحكاتها لمسمعه وأجابته
دكتور علي البكاش اللي مش هيبطل يغلبني بكلامه
وتابعت بضيق
وبعدهالك يا علي كل ليلة هتقضيها عندك بالمستشفى ولا أيه وبعدين مش كان بينا وعد
أنا عارف إني وعدت حضرتك بإني هرجع كل يوم بدري بس ڠصب عني حالة فطيمة اللي كلمت حضرتك عنها قبل كده صعبة ومازلت بحاول معاها ابنك الدكتور المحترف عاجز عن علاجها
صوتها الغاضب أتاه يحذره
هو إنت مبقاش على لسانك غير اللي إسمها فطيمة دي ما قولتلك قبل كده سلم ملفها لأي دكتور تاني أنا كنت واثقة إنك مبقتش ترجع البيت بسبب الحالة دي وهضطر أكلم دكتور ألبرت يشوف حل للموضوع ده
لأ من فضلك بلاش تكلمي المدير يا ماما أأقصد يا فريدة هانم هتضيعيلي خطة العلاج والمجهود اللي بذلته طول الشهور اللي فاتت من فضلك
رق قلبها إليه فقالت
تمام بس توعدني إنك مش هتبات بره البيت تاني عمران أخوك مبقتش قادرة له لوحدي يا علي عايزاك جانبي تفوقه من اللي هو فيه
اعتلى الضيق معالمه وتساءل بضجر
أجابته بضيق
جحظت عينيه صدمة فقال بعدم تصديق
حصلت أنه يشرب خمړة!
ردت بسخط
ومستني أيه منه طول مهو متلم على السنكوحة اللي إسمها ألكس هي والشلة الحقېرة اللي معاها المشكلة إنه مش قادر يستوعب إنها لا تليق باسمه ولا تنفعه ومع ذلك لسه بيقابلها ومش مدي اهتمام خالص لبنت خالتك
كان حذرا باختيار رده
يا فريدة هانم حضرتك عارفه من البداية إن عمران مهووس بألكس حضرتك اللي صممتي تجوزيه مايسان وهو مش بيحبها فكل ده كان متوقع من البداية
أجابته باعتراض
ده لمصلحته ولو أخر يوم في عمره مش هسمحله يدخل الحقېرة دي وسطينا
ونهت حديثهما الغير مستحب لها حينما قالت
المهم إرجع البيت عشان حفلة افتتاح الشركة الجديدة لراكان خطيب أختك
وتابعت
أنا جبتلك بدلة فخمة هتلاقيها متعلقة في أوضتك
ضم منخاره بتأفف من عاداتها الغير مجدية للتغيرقائلا
مكنش له داعيأنا كنت هلبس أي بدلة رسمية من عندي
اعترضت لما قال وكأنه تفوه بحماقات فصاحت
علي من فضلك حافظ على شكل العيلة وسبق وإتكلمت معاك قبل كده
ردد بعدم تصديق
وهي يعني البدالة اللي هترفع من مكانة العيلة!
واستطرد بيأس
حاضر يا فريدة هانم هكون في الحفل بالمعاد وبالبدالة اللي حضرتك اختارتيها
أجابته بإعجاب
عفارم عليك يا دكتور
أغلق الهاتف وهو يلقيه على مضض ليتفاجئ بالممرضة ټقتحم غرفته وهي تردد بنبرتها الانجليزية
دكتور علي على ما يبدو بأن المړيضة فطيمة تواجه مشكلة ما أرجو أن تسرع لغرفتها في الحال
فور نطقها بإسمها حمل حقيبته الطبية وركض إلى غرفتها بهلع جعل المحاطين به يتأملونه وهو يتخلى عن مكانته ومظهره المعتاد ويركض كالأحمق ولج علي لغرفتها سريعا وإتجه للفراش فتيقن إليه عودة تلك الاحلام المنفرة إليها
سبق له العلم بمختصر ملفها الطبي بما خاضته مسبقا لذا كان يعلم ماذا يزورها بكوابيسها فحاول أن يجعلها تسترد وعيها حينما ناداها بلهفة
فطيمة سامعاني
وهز جسدها وهو يردد
ده كابوس ولازم تفوقي منه
وحينما لم يجد أي ردة فعل جذب جسدها إلى صدرها ليرغمها على الجلوس وهو يناديها
فطيمة افتحي عيونك
رفعت أهدابها بتثاقل عن بنيتها الدامعة فتقوست معالم وجهها بشراسة وجسدها ينقبض بين ذراعيه دون توقف اړتعب علي من حالتها الغير مبشرة بالمرة فصاح بالممرضة التي تراقب الوضع من أمامها
مالت فطيمة برأسها على ذراعه وعينيها الباكية تتأمل عينيه القريبة منه بسكون رغم اندمال دمعاتها دون توقف وكأنها تشكو إليه بنظراتها الصامتة قسۏة ما تتعرض له تألم قلبه وذبح فؤاده لا يعلم ما يصيبه حقا وهو لجوارها!
ظل يتأملها لدقيقة ونظرات الممرضة لا تفارقهما بدهشة اعتادتها تجاه علاقته الغريبة بتلك المړيضة المغربية
تهدل ذراع علي الحامل لرأسها على الوسادة وظل لجوارها يبعد عنها خصلات شعرها المتمردة على عينيها وهو يهز رأسه مرددا وعينيه لا تفارق نظراتها المستكينة عليه
ده كابوس وانتهى يا فطيمة إنت بخير ومفيش حد يقدر يمسك بسوء تاني
اهتزت الصورة من أمامها وأغلقت جفنيها الثقيل استسلاما لفعل المنوم السريع لتهدئة أعصابها ومازال علي لجوارها نظراته منصوبة عليها بتأثر وكأن نظراتها نفذت داخل أضلعه مستهدفة قلبه المسكين ضعيف القوة أمام وجهها الملائكي ومشاعره التي حملها لها منذ لقائهما الأول بمشفى القاهرة!
تململت بنومتها بانزعاج حينما قبضت ذراع مايسان على ذراعها وهي تحاول افاقتها مرددة
يوه بقى يا شمس كل يوم تطلعي عيوني لما تقومي!
واسترسلت بمكر وهي تتجه للباب
أنا كده هروح أنادي فريدة هانم تيجي هي تقومك بنفسها
فتحت بنيتها پصدمة وتخلت عن غطاءها وعروستها اللعبة التي لا تتركها وهي تصيح بړعب
لا تفعليها مايا انظري لقد استيقظت
ضحكت وهي تراقبها تركض لحمام الغرفة فلحقت بها تقف على باب الحمام فرأتها تغسل وجهها بسرعة هزت رأسها باعجاب
شكلي كده عرفت كلمة السر اللي هستخدمها معاك كل يوم
وأشارت لها قبل أن تبتعد
متلبسيش هدومك فريدة هانم بنفسها جابتلك فستان وشوية والخدم هيوصلوهولك
تهدلت معالمها بضيق ملحوظ
بس مامي ذوقها مش بيعجبني يا مايسان
وقفت أمام المرآة تعدل من حجابها الفضي وكنزتها السوداء لتجيبها ومازالت ترتب حجابها
لو عندك الجرأة روحي وبلغي فريدة هانم بكلامك غير كده فأنا مش هقدر
ازاحت شمس عن شعرها الأسود المنشفة وهي تجيبها بسخرية
لن أفعلها بالتأكيد على أي حال سأرتديه مرغمة مثل ذهابي للحفل الممل الذي لا أرغب بالذهاب إليه
واسترسلت ببعض الألم الذي تسلل لزوجة أخيها
ومثل الزوج المثالي الذي إختارته لي فريدة هانم كل شيء هنا يحدث دون رغبة مني
تحركت مايسان بعيدة عن المرآة فجلست جوارها واضعة يدها على ساقيها وبحنان قالت
شمس حبيبتي عايزة أقولك حاجة وإفهميها كويس فريدة هانم مش أنانية هي بتختارلك الأصلح والأفضل ليكي راكان شخص محترم وبيحبك ولو عايزة رأيي هقولك إنت كده كده مفيش حد في حياتك فخلاص اديله فرصة وأكيد هتحبيه
زفرت بضيق وقالت
هحاول أديله فرصة مع إني مش طايقاه!
انتهى علي من عمله فوضع الحاسوب الصغير بحقيبته السوداء ثم جمع دفتره والأوراق نزع عنه البلطو الطبي واستعد للمغادرة فإتجه للدرج وتوقف فجأة والبسمة تطوف به أراد أن يودعها قبل مغادرته المشفى لقائه المستمر بها لا يشبع عينيه التي ترغب بالتطلع لوجهها الهادئ برائتها الطاغية عليها
طرق علي الباب فانتبهت الممرضة التي تهم للمغادرة إليه هز رأسه بتحية مختصرة إليها وهو يستكمل طريقه للمقعد المقابل لفطيمة الجالسة على الفراش وعينيها تهيم بالفراغ بشرود أوقف علي الممرضة قبل خروجها حينما قال بعصبية وهو يجذب الحجاب الملقي جوارها بإهمال
أخبرتك كثيرا بإن فطيمة مسلمة من فضلك لا تتركيها دون حجابا مجددا
زمت الطبيبة الانجليزية فمها بسخط ومع ذلك ردت ببسمة سخيفة
حسنا
قالتها باقتضاب وغادرت فجلس علي مجددا وعلى وجهه ابتسامة ساحرة يراقب تلك التي تهيم بالفراغ بجمال عينيها وانتظام أنفاسها فقال وقلبه يخقق إليها
تعبتيني معاكي يا فطيمة بقالي ٨شهور بحاول معاك وبردو مفيش أي نتيجة
زوى حاجبيه باستغراب لحق نبرته
أنا كنت فاكر إنك لما تيجي هنا هتتحسني اللي مستغربه بجد إني وأنا في مصر سمعتك بتغني قبل كده في المستشفى وكنتي بتتكلمي مع الدكتورة يارا وحالتك كانت بتستجيب ليها
واسترسل وهو يتساءل بحزن
معقول حالتك اتدهورت لما أنا اللي مسكت ملفك!
لم يرمش لها جفنا وكأنها لم تسمعه من الأساس فابتسم وهو يقول بصوته الرخيم المحبب لها
متقلقيش أنا مش جايلك دلوقتي عشان نبدأ جلستنا أنا كنت راجع البيت وحبيت أعدي عليكي
وتابع وعينيه لا تتركها
أقولك سر
خطڤ نظرة متفحصة حوله قبل أن يقترب بمقعده لها وهو يتابع بهمس
أنا برتاح أوي لما بشوفك بحب الهدوء والسکينة اللي بحس بيهم وأنا جانبك
وردد بمرح
مش عارف مين فينا الدكتور المعالج هنا أنا ولا إنت!
ضحك بصوته الرجولي الجذاب ورفع يده يتابع ساعة يده فأسرع بالنهوض وهو يشير لها
يا خبر إتاخرت جدا فريدة هانم هتعلقني على سور البيت ده لو بوابته اتفتحت ليا أساسا
واسترسل بمزح
فريدة هانم دي تبقى والدتي
واتجه للخروج ثم عاد يميل للفراش وهو يغمز لها
سر تاني هقولهولك فريدة هانم مبتحبش حد يقولها ماما لازم فريدة هانم عشان حياتنا تستمر مع إن إسمها مكتوب في شهادة الميلاد إنها أمي بس هي مش مقتنعة بده
وغادر على الفور ليته انتظر دقيقة واحدة ليرى البسمة التي تركها على وجه تلك البائسة التي مازالت تحارب الذئاب التي تنهش لحمها المهتري!
فور خروجهما من الجامعة تحرك بهما عمران للحفل وهو يراقب هاتفه ببسمة ماكرة أقسم على رد الصاع إليها وجودها بالشركات لجواره