بسيوني
والدها باي شكل من الاشكال فملامحها بدت اوروبية بشكل أكثر من واضح بوجهها الدائري الصغير وبشرتها البيضاء الشاحبة وعينيها الواسعتين بلون العشب الأخضر وشعرها الأحمر الڼاري مما كان سيجعله يشك في حقيقة نسبها اليه الا ان قلبه كان على يقين بأن الډماء التي تجري في عروق تلك الشابة الفاتنة هي نفسها الډماء التي تجري في عروقه علاوة على تلك الصور التي كان يرسلها لها ابنه بصورة مستمرة في ذكرى ميلادها كل عام وهو يقف بجانبها كما أنها قد ورثت عن والدها طبعه وعناده قطع عبدالرءوف الصمت ليقول بلهجة قوية تحمل الكثير من الټهديد مريم! انتي لما بعتيلي عشان تيجي تقعدي معايا في مصر كنتي واثقة ان انا اكتر واحد هكون خاېف عليكي وعلى مستقبلك عشان كدة لازم تثقي في قراراتي كويس أوي يعني لما اقولك ان يوسف هوة انسب واحد ليكي وهو الوحيد اللي هيقدر ياخد باله منك ومن مصالحك يبقا انا صح ولازم كلامي يتنفذ
عبدالرءوف كل دة هيتحل المهم دلوقت انه على وصول عشان يقابلك وتتعرفوا على بعض
مريم باستسلام حاضر ياجدو
وهم عبدالرءوف بالذهاب وقد بدا عليه الارهاق من حدة النقاش ياللا اسيبك انا بقا عشان تغيري هدومك ذهب عبد الرءوف تاركا مريم وهي تتخبط بين أفكارها فمن ناحية لا تريد ان تعصي جدها وخاصة وهي تعلم مدى خطۏرة حالته الصحية فهو الان بالنسبة لها قريبها الوحيد الذي يمكنها الاعتماد عليه ومن ناحية اخرى لا تريد الزواج الان وخاصة من ذلك الشخص فهو اكبر منها بكثير كما انها لاتعلم عنه الا انه شريك جدها وفجأة خطرت لها فكرة فماذا ان لم يكن هذا الشخص هو ايضا لا يوافق على
خلال هذا التعريف كان يوسف قد نهض لتحية مضيفته وقد بدت الصدمة واضحة على ملامحه فهو قد تخيل رؤية فتاة اوربية مدللة ترتدي ملابس عصرية تناسب الاذواق الانجليزية ولكنه على النقيض وجد امامه فتاة رغم ملامحها الاوربية التي لايستطيع احد تجاهلها الا أنه وجدها فتاة متوسطة الطول و كانت محجبة وترتدي ثيابا محتشمة زادتها جمالا ووقارا مما يجعل الناظر اليها يعتقد بأنها تعدت الواحد وعشرين من عمرها استطاع يوسف أن يخفي دهشته سريعا ولكن بعد ان لاحظتها مريم ومد لها يده ليصافحها وهو يقول بملامح هادئة تشرفنا يا آنسة مريم
رد يوسف سريعا وكأن شيئا لم يكن عادي ولا يهمك
جلست مريم على كرسي في مقابلة يوسف وهي تقول لنفسها بغيظ طبعا لازم حضرتك تتفاجىء اكيد كنت فاكر انك هتشوف واحدة صايعة لابسة مكشوف وبتستعرض قدامك ربنا يستر
ساد صمت قليلا قرر يوسف ان يقطعه وهو يتفحص مريم من أعلى رأسها الى أخمص قدميها غريبة اوي يا انسة مريم انك بتتكلمي عربي كويس وكمان باللهجة المصرية مع ان اللي اعرفه انك عمرك ما جيتي مصر قبل تلات شهور
مريم بجفاء بابا الله يرحمه كان مصر اني اتكلم معاه بالمصري طول ماحنا في البيت وكمان كان لينا أصدقاء مصريين كتير اتعودنا اننا نتكلم مع بعض بلهجتنا
وياترى هوة بردو اللي اصر انك تتحجبي
قررت مريم ان تجيب على كل اسئلته بهدوء وصدق حتى تستطيع كسبه كحليف لها وقت الحاجة لا دة كان قراري انا الحقيقة
في البداية كنت مسلمة بس بالاسم لكن بعد ما بدات اكبر وافهم وكنت بشوف بابا وهوة بيصلي وبسمعه وهو بيقرأ القرآن حبيت فكرة اني اكون مسلمة وبدات أقرأ كتير عن الاسلام والقرآن والسنة وبدأت في حفظ سور من القرآن ولما كنت بحس براحة نفسية بعد الصلاة قررت اني احافظ عليها وكان لازم اتم كل دة بلبس الحجاب
اختطفت نظرة سريعة ناحيته لتلمح نظرة اعجاب سريعا ما اختفت من ملامحه في تلك اللحظة وجدت جدها ينهض وهو يقول ليوسف بارتياح معلش بقا يا يوسف هسيبكم شوية عشان ميعاد الدوا بتاعي
وعندما حاولت مريم الذهاب لمساعدته هز رأسه بالرفض خليكي انتي يا مريم انا مش هتأخر
وبالفعل تركها جدها وحدها مع ذلك الغريب الذي وللمرة الثانية يتخطى حاجز الصمت اولا بلهجة باردة اعتقد انه من الافضل اننا ندخل في الموضوع على طول طبعا انتي عارفة سبب زيارتي النهاردة عبدالرءوف العجوز قرر انه يوفق راسين في الحلال
قال جملته الاخيرة بابتسامة ساخرة حاولت مريم ان تتجاهلها وتتجاهل اهانته لجدها كذلك حتى لا تثير غضبه الى ان تنتهي من خطتها لذا أجابته بهدوء يشوبه بعض القلق اه للأسف عارفة عشان كدة كان كويس اوي ان جدو سابنا لوحدنا بصراحة أنا رافضة الجوازة دي
وعندما وجدت علامات الاستنكار وربما الڠضب قد بدأت تتسلل الى نظراته استدركت الخطأ الذي ربما قد وقعت فيه دون ان تدري فيبدو انه غير معتاد على ان ترفضه امرأة زي مانت كمان اكيد رافضها بس الفرق بيني وبينك اني مش هقدر اقول كدة لجدو اما انت فأكيد هيسمع كلامك تقدر تقوله انك حسيت اني مش فتاة احلامك وانك مش عاوز تتجوزني ولا تكمل حياتك معايا
فقرر يوسف ان يسايرها في خطتها ولو سألني عن السبب
مريم قوله مثلا اني شكلي مش عجبك
يوسف بابتسامة خبيثة ساعتها هيعرف اني كداب جدا عشان مفتكرش ان فيه راجل طبيعي ممكن ان شكلك ما يعجبوش
احمر وجهها للغاية لا تعرف ان كان من الخجل ام من الڠضب قوله ان تفكيرنا مش واحد
يوسف باستخاف مفتكرش اني هتجوز واحدة عشان اقعد افكر معاها صدقيني وقتي وشغلي مش هيسمحوا بكدة
shit قالتها مريم لنفسها فهذا الرجل بانتقاداته وتلميحاته الچارحة يحبط مخططاتها واحدة تلو الاخرى واخيرا قالت بعصبية خلاص شوف انت السبب اللي يناسبك وقوله
مال يوسف قليلا للامام انا عاوزة اسألك سؤال ياترى انتي رافضة فكرة الجواز عموما ولا رافضة فكرة انك تتجوزيني
حقيقة لقد اربكها سؤاله هكذا اعترفت مريم لنفسها واخيرا اجابت انا معرفكش كويس بس انا رافضة فكرة الجواز بالطريقة دي
اومأ راسة ايجابا وهو يقول بغموض اه فهمت
حاولت مريم ان تستشف من خلال النظر الى تعبيرات وجهه ما يرمي اليه او ما
يفكر به في تلك اللحظة ولكن بلا جدوى الى ان عاد عبد الرءوف مرة اخرى وهو يعتذر لضيفه بلهجة مراوغة لم يفهمها سوى يوسف وكان يهم بالجلوس على الأريكة التي تفصل بين يوسف و مريم معلش يا يوسف اعذرني لو كنت اتأخرت عليك
فاجابه يوسف بارتياح ولا يهمك انا اصلا اتأخرت ولازم امشي دلوقت لكن قبل ما امشي احب اطلب منك ايد الانسة مريم بشكل رسمي وانا وهي اتفقنا خلاص
صډمتها كلماته حتى انها لم تستطع ان تنفيها اما هو فأكمل لا مباليا بنظراتها الحانقة طبعا انا موافق على كل طلباتكم شوفوا انتم عاوزين ايه وبلغوني
عبدالرءوف وقد ابهجه الخبر كثيرا حقيقي يا يوسف انا كنت عارف ان المقابلة دي هتغير حاجات كتير بس بصراحة ما كنتش فاكر انها هتكون بسرعة اوي كدة وطالما انتم اتفقتوا خلاص يبقا انا مقدرش اقول غير مبروك
استأذن يوسف من مضيفه للرحيل فطلب عبدالرءوف من مريم ان تقوم بتوصيل يوسف حتى باب الفيلا واعتذر لانه لم يستطع ان يقوم بذلك بنفسه بالفعل سارت مريم بجوار ضيفها وهي تكتم ڠضبها بشدة الى ان خرجت من البوابة الداخلية للفيلا وعندما وطئت قدميها ارض الحديقة اڼفجر البركان وصاحت به بعد ان وقفت بمواجهته على بعد خطوات قليلة انت ايه اللي عملته دة وما نفذتش اتفاقنا ليه
يوسف بنظرة حادة قال لها ببرود مصطنعا التجاهل أنا مش فاكر اننا اتفقنا على اي حاجة
مريم وقد استفذها كلامه اكثر ومادام احنا اصلا ما اتفقناش يبقا ازاي تقول لجدو اننا متفقين
يوسف اتفقنا ان السبب الاساسي اللي يمنع جوازنا مش موجود اصلا وهو انك تكوني رافضاني لشخصي عشان كدة مفيش اي سبب تاني يمنعنا من اننا نتجوز
نظرت له مريم بتحدي وقالت باصرار واضح لو السبب اللي انت بتقول عليه دة كان مش موجود في الاول فاسمحلي دلوقت اني اقولك ان انا مش عاوزاك انت شخصيا ولو حكمت اني اتجوز شخص جدي هوة اللي هيختاره فانا هتجوز اي حد الا سيادتك
بدا يوسف وكأنه لم يتأثر بكلامها ولم تهتز منه شعرة واحدة بسبب هذا الكره الصريح الذي اظهرته له فقال بصوت هادىء مشددا على كل كلمة يقولها لكن جدك عمره ما هيوافق على حد غيري عشان كدة بقولك لازم تقبلي بالامر الواقع وهوة انك هتكوني مراتي بموافقتك او ڠصب عنك وقريب جدا كمان لان عاداتنا كصعايدة مش هتسمح اننا نطول فترة الخطوبة عن اذنك يا انسة مريم
ثم تركها ورحل وقد بدا عليها الذهول التام لم تعرف بما تجيب وهو ايضا لم ينتظر لسماع ردها فقالت محدثة نفسها يعني ايه بقا معقولة يكون كلامة صح يعني مفيش اي مفر لا طبعا مستحيل
يتبع
الفصل الثالث