الأربعاء 25 ديسمبر 2024

بسيوني

انت في الصفحة 1 من 61 صفحات

موقع أيام نيوز

الفصل الأول 
تمام كدة فيه حاجة تانية
قال عبدالرءوف رجل الأعمال الشهير جملته وهو يوقع باسمه على أحد الأوراق أمامه على الطاولة التي كان يتصدرها 
فنظر له هذا الشاب الذي يجلس على يساره بنظرة اهتمام قلقة وهو يأخذ منه الملف و يقول له لا كفاية كدة النهاردة انا شايف انك تعبت ما كنش لازم أصلا انك تنزل الشغل دلوقت خصوصا ان الدكتور قال انك محتاج لراحة تامة 

فأجابه عبد الرءوف هذا الكهل الذي قد بلغ من العمر ما يناهز الستين عاما وقد بدا عليه الارهاق لو كنت هسمع كلام الدكاترة هفضل الفترة اللي باقية من عمري راقد ع السرير مش بتحرك ودة اللي مش هقدر استحمله 
فسأله الشاب وهو يحيط بأصابعه القويه كف عبد الرءوف المستند على الطاولة فكرت في موضوع العملية ولا لسة
فتنهد عبدالرءوف في غير ارتياح وكأنه لا يستسيغ الخوض في هذا الحديث ثم قال بصوت ساخر العملية اللي اصلا مش مضمونة وكمان لو نجحت هتزود في عمري كام يوم يا يوسف يابني انا خلاص بقول ياللا حسن الختام 
تحجرت نظرات يوسف وهو ينظر اليه بلوم شديد وكأنه يستنكر فكرة فقدانه لهذا الرجل الذي طالما اعتبره بديلا عن والده المټوفي وهو لم يتعد التاسعة من عمره بعد ولذا فمنذ معرفته بعبد الرءوف الكامل التي استمرت لعشر سنوات حتى الآن تعدت علاقته به من الشراكة الى الصداقة بل انه في بعض الاوقات كان يشعر أن هذا الرجل بمثابة الأب الثاني له لذا قال له بلهجة قاسېة بها بعض الټهديداسمع الكلام دة اياك اسمعه منك تاني والعملية هتتعمل برضاك أو ڠصب عنك حتى لو اضطريت اني اجرجرك لاوضة العمليات بنفسي مادام فيه امل 
علم عبد الرءوف من نظرة شريكه الشاب أنه ينوي ذلك فعلا ان اضطر اليه لذا قال له ممازحا ايه يا يوسف قلبت كدة جد مرة واحدة يعني ما تخافش ياسيدي هعمل العملية بس لما اطمن الاول على مستقبل مريم!
نظرة يوسف الحائرة جعلته يستمر في التوضيح مريم حفيدتي انت عارف بعد ۏفاة والدها انا بقيت المسئول عنها وخصوصا بعد ما رجعت مصر فانا لو عملت العملية دلوقت مش هتلاقي حد يقف معاها بعدي وهية مش هتقدر تعيش لوحدها في مجتمع كل اللي تعرفه عنه انها اخدت جنسيته 
فقال يوسف بنبرة حاقدة أبوها كان لازم يعمل حساب لكل دة ازاي عمره ما فكر ان هييجي اليوم اللي ممكن يسيبها فيه لوحدها في بلد غريبة بعيدة عن أهله وأهلها اللي هما أحق الناس بتربيتها ورعايتها
فسأله عبد الرءوف بنظرة مترقبة انت لسة مش قادر تسامحه يا يوسف
وعندما لم يتلق جوابا قال له برجاء سامحه يا يوسف ع الاقل اكراما ليا
لم يتمالك يوسف نفسه الى
ان ابتسم لصديقه ابتسامة دافئة وهو يقول تفتكر اني هقدر اكره انسان مېت!
وقد هدأت ملامح عبد الرءوف قليلا وهو يربت على كتف يوسف ويقول ربنا يباركلك يابني هوة دة عشمي فيك بردو انا كدة ارتاح بالي من الموضوع دة عقبال بقا ما ارتاح من ناحية مريم انا متأكد ان لو سبتها لوحدها كدة اكيد التانيين هياكلوا حقها وهية مش هتقدر تعمل حاجة 
يوسف طب وعمتها!
فقال عبد الرءوف ساخرا وردة! لا دي ماشية على حسب هوى جوزها ومش محتاج طبعا اقولك هوة بيخطط لايه 
فصمت يوسف قليلا وبدا على وجهه التفكير العميق ثم قال طب ما تجوزها ماهر ابن عمتها وبكدة مش هيقدروا يعملوا حاجة لانها بقت مراة ابنهم بالعكس دول هما اللي هيدافعوا عنها وعن حقها 
استمر عبد الرءوف في نبرته الساخرة كدة بقا يبقا زي مابيقولوا سلموا القط مفتاح القرار مين قالك انهم هيحافظوا عليها اذا كان هما اصلا مش راضيين يعترفوا بيها انا لو عملت اللي انت بتقوله دة يبقا سهلتلهم الطريق عشان يوصلوا للي هما عاوزينه مش اكتر
واستمر يوسف في عرض اقتراحاته مشاركة لصديقه في مشكلته خلاص جوزها لحد بتثق فيه وفي نفس الوقت تكون شايف انه يقدر يقف في وش جوز بنتك كمال
فشرد عبدالرءوف للحظات ثم لمعت الفكرة فجأة بعقله وقال ليوسف بابتسامة هادئة ونظرة ذات مغزى معين معاك حق يا يوسف هوة دة فعلاالحل الوحيد طب انت ايه رأيك بقا
فسأله يوسف بحذر في ايه
عبدالرءوف في انك تناسبني 
أناسبك!
بدا وكأن يوسف لم يفهم المغزى من كلام شريكه في أول الأمر إلى أن بدأ يستوعب الورطة التي زج نفسه بها فاتسعت عيناه وازداد اللون الأسود بهما وكأنه الفحم وهو يقول وتلك الابتسامة التي علت وجهه لم تكن سوى للاستنكار انت بتهزر اكيد ما تقصدش اللي انا فهمته
لم تتأثر ابتسامة عبدالرءوف الهادءة وهو يجيب مفتكرش انك عندك اعتراض على نسبي 
فضاقت عينا يوسف قليلا وهو يقول بنبرة شديدة الهدوء لدرجة تنذر بالخطړ انت عارف ان دة مش قصدي بس ليه!
بعد تنهيدة طويلة نمت عن مدى ارهاق عبدالرءوف الجسماني او العقلي والجسماني على حد سواء أجاب انت الوحيد اللي هكون مطمن على مريم وهية معاه وانت الوحيد اللي تقدر تقف في وش كمال و ماهر ابنه
ثم ضغط على يد يوسف برفق وهو يقول له بشبه توسل وافق يا يوسف خليني ارتاح اعتبرها خدمة لصديقك العجوز قبل ۏفاته 
سحب يوسف يده بهدوء ثم نهض وقفا وهو يحاول ترتيب افكاره بحيث لا يجرح هذا الكهل طب ازاي وانا لا اعرفها ولا هية تعرفني دة غير ان على حسب علمي هية لسة ما كملتش العشرين وزي مانت عارف انا قربت ع الخمسة وتلاتين يعني بالنسبالها
هبقا عجوز اوي 
ازدادت ابتسامة عبد الرءوف وهو يراقب حركات صديقه المتوترة وهو لم يعتد ان يراه في هذه الحالة مما جعل من الصعب عليه الا يستخدم اسلوب الدعابة وهو يقول ايه يا يوسف انت هتخليني اكدب كلام الصحافة عنك اللي مسمياك المليونير الدونجوان ولا ايه خلاص كبرت وعجزت
و بما ان يوسف لم يكن في حالة تسمح له بمجاراة صديقه لذا فلم يكن الا ان حدجه بنظرة غاضبة جعلته يتراجع سريعا وهو يلوح بيديه كوسيلة للدفاع جعلته يبدو اصغر كثيرا مما هو عليه في الواقعخلاص خلاص صدقنا انك دونجوان عصرك وزمانك بس لسة ما قلتش لحد دلوقت رايك ايه
بدا على يوسف وكانه يتخبط في مجموعة من المشاعر المتناقضة الى ان حسم امره اخيرا وأخذ يفكر بصوت عال كما تعود دائما مع صديقه الكهل ازاي بس اتجوز واحدة عاشت كل حياتها في مجتمع غريب بعادات وتقاليد مختلفة بنت راجل خالف اوامر ابوه وراح عاش في بلد تانية واتجوز واحدة اوروبية لا يعرف اصلها ولا فصلها ازاي اسلم اسمي وسمعتي لواحدة امها اتخلت عنها في لحظة عشان تعيش مع واحد صاحبها انا اتاكد منين ان بنتها مش طالعالها
لم يستطع عبد الرءوف ان يلوم يوسف على تفكيره فمن ناحية انه يلتمس له العذر فكرجل شرقي يجب ان يتاكد من سلوك واخلاق البنت الذي يعتزم الزواج بها ومن ناحية اخرى فكل مايتعلق بماضي ابنه الذي رفض الزواج من شمس عمة يوسف مخالفا قرار والده لينشب الخلاف مجددا بين عائلة سليم والتي ينتسب يوسف اليها وعائلة عبد الرءوف الكامل ولم ينته هذا الخلاف الا حين اعتزم جلال والد يوسف عقد الشراكة بينه وبين عبدالرءوف لتعود المياه مرة اخرة لمجاريها بعد ان علم بان هذا الاخير قد قاطع ابنه من اجلهم أما بالنسبة لأمها تلك الفتاة الاوروبية التي تزوجها ابنهم فلم تكن بالامر الذي يعزز موقفه حيث طلقها بعد ثلاث سنوات من الزواج لتعيش هي وحدها مع رجل اخر اسمته صديقها وتولى هو امر تربية حتى بعد ۏفاته لم تتحمل تلك المرأة الأوروبية ابنتهما كثيرا فاضطرت تلك الشابة الصغيرة القيام بمخاطرة صغيرة حيث ارسلت تطلب مساعدة جدها الذي ارسل اليها على الفور ليخبرها بانه يرحب بها في بيته في اي وقت وكانت هي طوال تلك الشهور الثلاث التي قضتها معه سلواه الوحيدة و عزائه عن فقد ابنه المفاجيء خرجت تنهيدة قوية من عبدالرءوف اثر كل تلك الذكريات الاليمة وقرر ان يستمر في محاولاته لاقناع يوسف الذي يراه هو الشخص الوحيد الذي بامكانه الاعتناء بحفيدته والحفاظ عليها وعلى اموالها لذا فقد قرر ان يرمي بورقته الاخيرة في وجهه لعله يستطيع ان يغير رايه ولو قليلا ماشي
يا يوسف بس ممكن اطلب منك انك تاجل قرارك في الموضوع دة لحد ما تقابل مريم الاول وتتعرف عليها ارجوك 
حملت كلمة الرجاء الاخيرة في طياتها كل كلمات الرجاء والتوسل التي لم يستطع عبدالرءوف التفوه بها والتي لم تعط يوسف اي مجال للرفض ولكنه قرر الا يعترف بالهزيمة حيث ومضت عيناه فجاة وكانه تذكر امرا قد غاب عن عقله طوال هذا النقاش ماشي بس بدون الالتزام بأي وعد دة غير اصلا انت لحد دلوقت مش متاكد من موافقتها على حسب علمي بنت زيها اتعودت على الاستقلالية صعب اوي توافق على جواز مدبر وما تنساش ان والدها سبق ورفض الموضوع دة قبل كدة 
بدا على عبدالرءوف الارتياح قليلا حيث انه قد لمس بعض اللين في موقف يوسف فقال مريم مختلفة كتير عن حمدي ابني الله يرحمه وكمان ما تنساش ان ابوها هرب مني اما هية فهربت عشان تجيلي وفيه فرق كبير بين الاتنين قولت ايه بقا
بدا نفاذ الصبر واضحا في نبرة يوسف الذي قد ضاق عليه الخناق من الحاح صديقه العجوزفي ايه بس
بدا صوت عبدالرءوف حازما فجأة لدرجة ادهشت يوسف نفسه هتيجي تشرب القهوة في فيلتي النهاردة الساعة سبعة 
يوسف محتجا انت كدة مش بتديني اي فرصة للتفكير 
وبدا عبدالرءوف يستخد سلطته كأب ثان كما يعتبره يوسف حيث لايمكنه معارضته و خرج صوته قويا يوسف هنستناك ما تتأخرش!!!!
يتبع التالي
الفصل الثاني
مستحيل! انا مش موافقة 
خرجت كلمات الاحتجاج كالرعد من فم مريم فور ان اخبرها جدها بقراره لتزويجها من شريكه يوسف جلال ومع ذلك بدا صوته هادئا وهو يسألها وايه السبب
تفاجأت مريم من سؤاله أو بالاصح لم تتوقع منه ان يسال مثل هذا السؤال وهو بالتاكيد يعلم جوابه ومع ذلك قررت أن تجيب عليه ولم يكن قد هدأ انفعالها بعد ازاي يا جدي عاوزني اوافق اني اتجوز واحد معرفوش وكمان عمره اد عمري مرتين ليه ياجدي عاوز تعمل فيا كدة
لم يرد عبدالرءوف على الفور بل تأمل في ملامحها قليلا فهي ماكانت تشبه
 

انت في الصفحة 1 من 61 صفحات